[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والعشرون بعد الخمسمائة]
أجاعل أنت بيقورا مسلعة ... ذريعة لك بين الله والمطر
هذا إنكار لما تقدم من أفعال العرب، قال الصاغاني في "العباب": والتسليع: ما كان أهل الجاهلية يفعلون إذا أسنتوا، كانوا يعلقون السلعَ مع العُشَر بثيران الوحش، وحدورها من الجبال، وأشعلوا في ذلك السلع والعُشَر النارَ يستمطرون قال:
لا در در رجال خاب سعيهم ... يستمطرون لدى الأزمات بالعشر
أجاعل أنت بيقورا مسلغة ... البيت
وقوله: لا درَّ دّرُّ رجال، أي: لا كثر خيرهم، وهي جملة دعائية، وكذلك قوله: خاب سعيهم، وجملة: يستمطرون .. الخ، صفة لرجال، والأزمات: السنين المجدبة الشديدة، والأزمة: صفة، يقال: سنة أزمة كما تقدَّم، وسكون الزاي في الجمع قياس، ولو كانت اسمًا لفتحت الزاي، وغفل ابن المنلا فقال: والأزمات بسكون الزاي، وقياسها الفتح، لأنها جمع أزمة بالسكون. وقوله: أجاعل؟ الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، والذريعة: الوسيلة، وقال الجوهري: والسلع بالتحريك: شجر منه، ومنه السلعة، لأنهم كانوا في الجدب يعلقون شيئًا من هذا الشجر ومن العشر بأذناب البقر، ثم يضرمون فيها النار وهم يصعدونها في الجبل، فيمطرون، زعموا، قال الشاعر:
أجاعل أنت بيقورًا .. البيت
انتهى. ونقلته من نسخة صحيحة جدًا، وفي هامشها قال ياقوت الموصلي: كان في الأصل بذنابي البقر، وقد أصلح من خط أبي زكريا بأذناب البقر، وهو الصواب لأنَّ الذنابي واحد، وفي هامش آخر، قال أبو سهل: قوله: بذنابي البقر