وكيف يؤمُّ النّاس من كانت امُّه ... تدين بأنَّ الله ليس بواحد
بنى بيعة فيها النَّصارى لأمِّه ... ويهدم كم كفر منار المساجد
وكان خالد قد أمر بهدم منار المساجد، لأنه بلغه أنَّ شاعرًا قال:
ليتني في المؤذنين حياتي ... إنَّهم يبصرون من في السطوح
ولما بلغه أنَّ الناس يذمونه لبنائه البيعة، اعتذر إليهم فقال: لعن الله دينهم إن كان شرًا من دينكم. كذا فى "تاريخ النويري" وغيره.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون بعد المائتين]
(٢٨٤) فقد والله بيَّن لي عنائي ... بوشك فراقهم صرد يصيح
لما تقدَّم قبله، وبين: ماض معلوم، ومصدره التبيين، وهو الإيضاح وصرد: فاعل بيّن، والعناء بالفتح والمد، قال الأزهري في "التهذيب": قال أبو الهيثم: العناء: الحبس في شدَّة وذل، يقال: عنا الرجل يعنون عنوا وعناء: إذا ذلّ ذلك واستأثر، قال: وعنّيته تعنية: إذا أسرته فحبسته مضيقًا عليه، وروي عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:«اتقول الله في النساء، فإنهنَّ عندكم عوان» أي: كالأسرى، وقوله: بوشك فراقهم، الباء متعلقة بيصيح، قال الأزهري: ووشك البين: سرعة الفراق. والصُّرد، بضم الصَّاد وفتح الراء، قال الأزهري:"نهى النّبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع: النملة، والنحلة، والصرد، والهدهد" أخبرني المنذري عن إبراهيم الحربي أنه قال: أراد بالنملة الطويلة القوائم التي تكون في الجزبات، وهي لا تؤدي، ونهى عن قتل النحلة لأنها تعسِّل شرابًا فيه شفاء للناس، ونهى عن قتل الصُّرد، لأنَّ العرب كانت تطّيَّر من صوته، وهو الواقي عندهم، فنهى عن قتله ردَّا للطيرة، ونهى عن قتل الهدهد، لأنه أطاع نبيًا من الأنبياء، وأعانه، وقال شمر: قال ابن سميل: الصرد: طائر أبقع ضخم