للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والأربعون بعد الخمسمائة]

(٥٤٦) وأفنى رجالي فبادوا معاً ... فأصبح قلبي بهم مستفزا

على أن "معاً" في هذا البيت أيضاً قد استعمل في الجماعة، والأول في جماعة المؤنث وهذا في جماعة الذكور، ولهذا كرر الشاهد على المدعي، وهو من قصيدة للخنساء الصحابية، ترثي بها إخوتها وزوجها، وتقدم شرحها في الإنشاد الرابع والعشرين بعد المائة، وبادوا بمعنى: هلكوا، قال ابن الشجري في المجلس الثاني والثلاثين من "أماليه": معاً انتصب على الحال بمنزلة جميعاً، وهو في الأصل ظرف موضوع للصحبة، وأجاز بعض النحويين أن يكون حرفاً. وتنوينه ودخول الجار عليه يخرجانه من الحرفية، وذلك فيما رواه البصري والكوفي في قولهم: جئت من معهم، وكان معها، فانتزعته من معها، كما تقول: كان عندها فانتزعته من عندها، فتغير آخره لتغير العامل فيه وتنوينه إذا استعمل حالاً يدخلانه في حيز الأسماء، وذهب أبو علي إلى أن من فتحه فهو عنده ظرف، ومن أسكنه جعله حرفاً، أراد من أسكنه نزله منزلة الأدوات الثنائية نحو: هل وبل وقد، وأنشد في ذلك:

فريشي منكم وهواي معكم ... وإن كانت زيارتكم لماما

وإنما ذهب من ذهب إلى كونه حرفاً لمجيئه على حرفين، ولا يعلم له أصل في بنات الثلاثة. قال أبو العباس ثعلب: سألت ابن قادم: ما الفرق بين قام زيد وعمرو معاً، وقام زيد وعمرو جميعاً؟ فجعل يركض إلى الليل، فلما أصبح، قلت له: قام زيد وعمرو معاً، وقع القيام منهما في وقت واحد لا يكون إلا هذا، وقام زيد وعمرو جميعاً، يجوز أن يكون القيام منهما وقع في وقت واحد، ويجوز أن يكون وقع في وقتين، وكذلك مات زيد وعمرو جميعاً، يكون زمان موتهما

<<  <  ج: ص:  >  >>