وقد يجوز في الحزين الجر على أن يكون من صفة البث. انتهى. يريد المبالغة بجعل نفس الحزن حزيناً، وفي "تهذيب الأزهري" قال الليث: حنين الناقة على معنيين: حنينها صوتها إذا اشتاقت إلى ولدها، وحنينها نزاعها إلى ولدها من غير صوت. انتهى. و"إذا" يجوز أن تكون ظرفية، وأن تكون شرطية، وقال الأزهري يقال: ناقة ساجع: إذا طربت في حنينها، والتطريب: ترجيع الصوت وترديده، وأراد بالأولى إحداهن، أو أراد الثاكل الأولى، وهي أول من فقدت ولدها من الأظآر الثلاث، والنون في سجعهن راجع إلى ثنتين [منها، فيكون "معاً" للاثنتين] لا للجماعة، كما زعمه المصنف، وإن حملت الأولى على غير هذه الثلاث، صح ما ادعاه، لكنه بعيد. وكأن الدماميني لم يقف على ما قبل الشاهد وما بعده، فإنه قال: لأوالى صفة لمحذوف، يعني إذا حنت الحمامة، أي: صوتت وسجعن معاً، أي: هدرن جميعاً لأجل تصويتها، فقد استعمل معاً في جمع المؤنث. هذا كلامه.
وقوله: إذا شارف منهن .. إلى آخره، الشارف: الناقة المسنة، قال الأصمعي: إنما خص الشارف، لأنها أرق من الفتية لبعد الشارف من الولد، والشجو: الحزن، والبرك، بفتح الموحدة وسكون الراء، قال ابن الأنباري: هو الألف من الإبل، وكذلك العرج. وقوله: فأبكى، هو جواب إذا، والفاء زائدة.
وقوله: بأوجع مني هذا رجوع إلى الأظآر حملاً على المعنى، لأن الخبر عنهن في المعنى، لولا ذلك لقال بأكثر من وجدي، أو يكون قصد المبالغة، فنسب الوجع إلى الوجد مجازاً، كما قالوا شعر شاعر، وروي بدله "بأوجد مني" وتأويله كذلك، وترجمة متمم بن نويرة تقدمت مع مقتل أخيه مالك في الإنشاد الواحد والخمسين.