للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّابع بعد الأربعمائة:

إذَا مَا خَرَجْنَا مِنْ دِمَشْقَ فَلَا نُعدْ ... لَهَا أَبَدًا ما دامَ فِيهَا الجُراضِمُ

على أنَّ "لا" فيه تحتمل النهي والدّعاء، واقتصر ابن الشّجري في "أماليه" على الدّعاء، ونسب البيت للفرزدق، وفسّر الجراضم بالعظيم البطن، فالمصنّف أخذ منه، ونكّت عليه بأن "لا" تحتمل النّهي أيضًا ونعُد مضارع عاد إذا رجع، واللَّام بمعنى "إلى" والجُراضِم بضمّ الجيم وكسر الضّاد المعجمة، قال الدّماميني: فسّره المصنّف بالعظيم البطن، ولم يفسّر في "الصِّحاح" ولا في "القاموس" إلَّا بالأكُول. انتهى وروي: فلا بدت لنا أبدًا. وعليه لا شاهد فيه، فإنَّ لا مع الماضي ليست ناهية، وإن كانت دعائية، وهذه رواية ابن السّكيت قال في كتاب "أبيات المعاني" قال الأصمعي: وأظنّه للوليد بن عقبة:

إذا ما خَرَجْنا مِنْ دِمشقَ فلا بدَتْ ... لَنَا أبدًا ما دامَ فيها الجُرَاضِمُ

بَصِيرٌ بما في الطَّبْلِ بالنَّقْلِ عالمٌ ... جَرُوزٌ بما التَفَّتْ عَلَيْهِ اللَّهَازِمُ

قال: الحراضم: معاوية، قال: والطّبل: السَّبذ يريد أنَّ يده تَبَاقَلُ إذا صارت في السّبذ تأخذ منه ما تريد، وتترك ما لا تريد كما يُباقل الفرس. انتهى.

قوله: والطَّبل: السّبذ بفتح السّين والموحدة، وثالثه ذال معجمة: وهو شبه المكتل، معرَّب من الفارسيّة، واسمِه بالعربيّ سلَّة، ويقال: طبلة أيضًا، وهو طبق يوضع فيه ما يؤكل. وقوله: إنَّ يده تباقل، أي: ترعى كما يُباقل الفرس، أي: كما يرعى البقل وهو كلّ نبات نبت في زره لا في عِرقه. والجروز أوَّله جيم، وآخره زاء معجمة: هو الأكُول، وقيل: السريع الأكل، وصف من جرز، أي: أكَلَ أكلً سريعًا. وأراد باللهازم طرف الحنكين ممَا يلي الأذن، فإنَّ شِدَّةَ المضغ هناك. وكان معاوية شديدَ الأكل جدًا، ومع ذلك ما كان يشبع، وذلك لأنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلّم أرسل إليه أنس بن مالك يدعوه، وكان يأكل، فتمادى فيه حتى أرسله النبيّ صلى اللهُ عليه وسلم مرَّةً ثانية، فتمادى فيه، فسأله عن

<<  <  ج: ص:  >  >>