ويدل على تقدير هذا المضاف ما قله. وقال بعضهم: لا ضرورة إلى تقديره، لأنَّ كلَّا من الدخول وحومل موضع وسيعٍ يشتمل على منازل ومواضع، فأضيف "بين" إليها لاشتمالها على متعدد تقديرًا، وعليها تكون الفاء عاطفة، وتفيد ترتيب البكاء بين منازل هذه المواضع.
والسقط مثلث الأول: ما تساقط من الرّمل، واللَّوى: ما التوى من الرمل، وسقط اللّوى: حيث يسترقّ الرمل فيخرج منه إلى الجدد، وإنما وصف المنزل به؛ لأنهم كانوا لا ينزلون إلَّا في صلابة من الأرض، لتكون أثبت لأوتاد الأبنية والخيام، وأمكن لحر النُّؤي، وإنما يكون ذلك حيث يسترق الرمل وينقطع، والدخول: بفتح الدّال، وحومل قال أبو الحسن: بلدان بالشام، وأنشد هذا البيت، وقيل غير ذلك. وقد جمعنا، في شرح هذا البيت ما فيه من حسن وقبح، وبسطنا عليه القول بأكثر مما هنا في الشاهد السابع والثمانين بعد الثمانمائة من شواهد الرّضى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّادس والستون بعد المائتين:
(٢٦٦) يا أحسن النَّاس ما قرنًا إلى قدمٍ
على أنَّ أصله: ما بين قرنٍ، قال العسكري: قال بعض البغداديين: أراد: قفا نبك ما بين الدّخول إلى حومل إلى توضح إلى المقراة، فالفاء في موضع إلى، فأضمر مع ما "بين" كقولك هو أحسن النّاس قرنًا فقدمًا ولم يضمر "بين" فأراد فابكيا هذا إلى ذا. انتهى. وإنما احتاج هذا القول إلى تقدير مضاف، كما قال المصنف، لأن بينًا لا تضاف إلى مفرد لفظًا ومعنى، إلَّا إن أوَّل بما يدل على المتعدد، وفيه ادعاء حذف "ما" وهو لا يجوز عند البصريين، سواء كانت "ما" موصولة، إذ لا يحذف الموصول وتبقى صلته، أم موصوفة، إذ شرط حذف الموصوف بالجملة أو الظرف