فقالت سباك الله إنَّك فاضحي ... ألست ترى السُّمَار والنَّاس أحوالي
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ... ولو قطَّعوا رأسي لديك وأوصالي
حلفت لها بالله .. البيت
والسمو: العلوّ، وأراد به النهوض، يقول: جئت إليها بعد ما نام أهلها، والحباب، بالفتح: النفاخات التي تعلو الماء، وقيل: الطرائق التي في الماء كأنها الوشي، وسباك الله: أبعدك وأذهبك إلى غربة، وقيل: لعنك الله، وقال أبو حاتم: معناه: سلّط الله عليك من يسبَّك، والسّمَار: المتحدثون باللَّيل في ضوء القمر، جمع سامر، وأحوالي: أطرافي جمع حول، وقوله: أبرح قاعدًا، أي: لا أبرح قاعدًا، والأوصال: المفاصل، وقيل: مجتمع العظام، جمع وصل بكسر الواو وضمها. وقد تكلمنا على هذا البيت في الشاهد التاسع بعد الثمانمائة من شواهد المحقق الرضي رحمه الله تعالى.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثمانون بعد المائتين]
(٢٨٨) قد أترك القرن مصفرًا أنامله ... كأنَّ أثوابه مجَّت بفرصاد
على أنَّ "قد" فيه للتكثير، قال سيبويه في باب عدة ما يكون عليه الكلم من أواخر "كتابه" قال: وتكون "قد" بمنزلة "ربما"، وقال الشاعر الهذلي: قد أترك القرن .. البيت، كأنما قال: ربما. انتهى. وهذه عبارة مجملة، فإنَّ ربما تأتي للتقليل، وتأتي للتكثير، ولم يشرح هذه العبارة السيرافي ولا أبو علي في شرحيهما، وحمل ابن مالك على الأول، وحمل أبو حيَّان على الثاني وتبعه المصنف، وقد شنع بعض الفضلاء على المصنف، ورد عليه الدماميني قال هنا: قال ابن مالك: إطلاق سيبويه القول بأنها بمنزلة ربّما موجب للتسوية بينهما في التقليل والصرف إلى المضي، واعترضه