أي فتى هيجاء، وأي جار هيجاء أنت، ولا يجوز رفعه، لأنه إذا رفع فهو على أحد وجهين: إما أن يكون عطفا على أي، أو عطفا على أنت، فإن كان عطفا على أي، وجب أن يكون بإعادة حرف الاستفهام، وخرج عن معنى المدح، فيصير: أي فتى هيجاء وأي جارها أنت، وإن كان عطفا على أنت، صار التقدير: أي فتى هيجاء أنت، والذي هو جار الهيجاء، وكأنه قال: أنت ورجل آخر جاء هيجاء، ولم يقصد الشاعر إلى هذا، والهيجاء: الحرب، وأراد [بفتاها] هنا: القائم بها المبتلى فيها، وبـ"جارها": المجير منها، الكافي لها، ومعنى استقلت: نهضت. انتهى. وكذا قال ابن خلف، وقال ابن السراج في "الأصول": أنشد سيبويه في نحو ذلك:
أي فتي هيجاء أنت وجارها ... إذا ما رجال بالرجال استقلت
فلو رفع، لم يكن فيه معنى أي جارها الذي هو في معنى التعجب، والمعنى: أي فتى هيجاء، وأي جار لها أنت. انتهى.
وهذا البيت أحد الأبيات الخمسين التي أنشدها سيبويه في كتابه، ولم يعرف قائل كل منها والله أعلم.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد التسعمائة]
(٩٣٠) إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا
قال ابن جني في "إعراب الحماسة": يقبح أن يجزم حرف الشرط جزما يظهر