يريد: أشرب، فسكن الباء، وهذا الإسكان إنما هو إشمام لا سكون خالص. وقال بعض النحويين: يؤخر جواب النهي، والمعنى: فلا تكتمن الله ما في نفوسكم يؤخر، وأجاز: لا تضرب زيداً يضربك. انتهى.
وهذا كلام مقر بالحشر والجزاء، وقال أبو حاتم في كتاب "طبقات الشعراء": عاشر زهير قوماً من يهود تيماء، فسمع بالمعاد، فقال في قصيدته:
يؤخر فيوضع في كتاب .. البيت
ورأيت في آخر المجلس السادس والستين من "أمالي ابن الشجري": ومما سأل عنه نصر بن عيسى الموصلي عامل الجزم في "يؤخر" من قول زهير، فأجبت أنه انجزم على جواب النهي الذي هو: لا تكتمن، لأن النهي وما أشبهه مما ليس بواجب ينوب عن الشرط، فينجزم جوابه إذا لم تكن الفاء، فأراد: لا تكتمن الله ما في نفوسكم من الغدر يؤخر، أي: فإنكم إن تكتموه يؤخر، أي: يؤخر الجزاء، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع الضمير لقيامه مقام مرفوع، واستتر، ثم قال: فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب، أي: إلى يوم الحساب، أو يعجل، أي: يعجل جزاؤه.
وقامت اللام مقام "إلى" كما في التنزيل: (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)[الزلزلة/ ٥] انتهى كلامه.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والستون بعد الخمسمائة]
(٥٦٦) ليت شعري هل ثم هل آتينهم ... أو يحولن دون ذاك حمامي
على أن "هل" تقع بعد العاطف بخلاف الهمزة، فإنها تتقدم عليه، فإن "هل" الثانية وقعت بعد ثم، والهمزة لا تقع بعدها، بل تتقدمها، و"هل" الأولى مدخولها محذوف يدل عليه مدخول "هل" الثانية، والتقدير: هل آتينهم، ثم هل آتينهم،