على أن دون معطوف على موضع من دون. والبيت من قصيدة للبيد بن ربيعة العامري، وتقدم أبيات من أولها في الإنشاد الرابع بعد المائتين. وقبل هذا البيت: فإن أنت لم تصدقك نفسك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل
يقول: إن لم تصقك نفسك عن هذه الأخبار، بل كذبتك، فنتسب، أي: قل ابن فلان ابن فلان، فإنك لا ترى أحداً بقى، لعلك تهديك هذه القرون، وترشدك، وقوله: فإن لم تجد إلى آخره ... تزعك: تكفك، وهو بفتح الراء المعجمة، قال الطوسي في شرح ديوان لبيد: وزعه يزعه، بالفتح ويزعه، بالكسر، وزعاً ووزوعاً: إذا كففته. انتهى. يقول: لم يبق لك أب حتى إلى عدنان، فكف عن الطمع في الحياة ومعنى البيتين: إن غاية الإنسان الموت، فينبغي له أن يتغظ بأن ينسب نفسه إلى عدنان، فإن لم يجد من بينه وبينه من الآباء باقياً، فليعلم أنه يصير إلى مصيرهم، فينبغي له أن ينزع عماً هو عليه، والعواذل هنا: حوادث الدهر وزواجره، وإسناد العذل إليها مجاز، وقد تكلمنا فيه بأبسط مما هنا في الشاهد الثالث والعشرين بعد المائة من شواهد الرضي.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد العشرون بعد السبعمائة]
(٧٢٠) خليلي هل طب فإني وأنتما ... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان
خليلي: منادى مضاف، والطب: علاج الجسم والنفس والرفق، وهو مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير هل عندكما طب، والدنف، بفتح الدال وكسر النون: المريض الدائم المرض، ودنفان: خبر "أنتما" وخبر "إني" محذوف والتقدير: فإني دنف، وباح بسره يبوح بوحاً: إذا أظهره، والهوى: العشق.