في غرف الجنةِ العليا التي جعلتْ ... لهمْ هناكَ بسعيٍ كانَ مشكورِ
والفند، بفتحتين: الكذب، والمصبور: الذي صبر نفسه لأفعال الحج، أي: حبسها، وفي كلامه مبالغة فاحشة، ومداهنة ظاهرة، وإنما نقلنا هذه الأبيات، لأن قوله:"بالباعث الوارث الأموات ... البيت" من شواهد باب الضمير من شروح "الألفية" ولم يقف العيني على هذه الأبيات، فذكرناها لمن يحتاج الأطلاع عليها.
وترجمة الفرزدق تقدمت في الإنشاد الثاني من أول الكتاب.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد الخمسمائة]
(٥٣٤) ونعمَ منْ هوَ في سر وإعلانِ
على أن "من" فيه عند أبي علي نكرة تامة، وقد بسط الكلام عليه في كتاب "الشعر" قال فيه: قال الشاعر:
وكيف أرهبُ أمرًا أو أراع له ... وقدْ زكأتُ إلى بشر بن مروان
فنهمْ مزكأ من ضاقت مذاهبهُ ... ونعمَ منْ هوَ في سرً وإعلانِ
القول في الظرف أنه يتعلق بنعم، وذلك أنه لا يخلو من أن يكون خبر هو التي في الصلة، أو يكون متعلقًا بمحذوف على أن يكون في موضع خبر هو التي في الصلة، لأن التقدير قبل كون الكلام صلة: يكون هو في سر وإعلان، وهذا لا معنى له، فإذن المعنى: كرم هذا الإنسان في سره وعلانيته، أي: ليس ما يفعله من الخير لتصنع، فيفعل الخير في السر كما يفعله في العلانية، وإذا كان كذلك، احتاج هو إلى جزء آخر حتى تستقل الصلة، وذلك الجزء ينبغي أن يكون الذي هو مثله لا يكون