والبيت من أبيات لتوبة الحميري الخفاجي العامري، أوردها له الآمدي في كتاب (المؤتلف والمختلف) قال: من الشعراء توبة بن الحمير بن سفيان بن كعب ابن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ويكنى أبا حرب، فارس شاعر، وهو صاحب ليلى الأخيلية، وهو القائل فيها:
أرى النَّأي من ليلاك سقمً وقربها ... حيًا كحيا الغيث الذي أنت ناظره
ولو سألت للناس يومًا بوجهها ... سحاب الثُّريّا لاستهلَّت مواطره
ومن يبق مالاً عدَّةً وضنانةً ... فلا الشُّحُّ مبقيه ولا الدَّهر وافره
ومن يك ذا عودٍ صليبٍ يعدُّه ... ليكسر عود الدَّهر فالدَّهر كاسره
وشعره وخبره في (كتاب بني عقيل). انتهى. وتوبة: بفتح المثناة الفوقية. وسكون الواو بعدها موحدة، والحمير: بتشديد الياء، على لفظ مصغر الحمار، قال ابن قتيبة في (كتاب الشعراء): كان توبة بن الحمير شاعرًا لصًا، وأحد عشاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته ليلى الأخيلية الشاعرة، ولها فيه مراثٍ جيّدة منها القصيدة التي مطلعها:
أيا عين بكِّي توبة بن حميِّرٍ ... بسحٍّ كفيض الجدول المتفجِّر
وأرى: بمعنى أعلم، والنأي: البعد، وهو المفعول الأول، وسقمًا: المفعول الثاني، والحيا بالقصر: المطر، وأراد بالغيث السحاب، والضنانة، بالفتح: البخل، وقوله: ومن يك .. الخ، يقول: من أراد غلبة الدهر بقوته فالدهر غالبه لا محالة.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والخمسون بعد الثلاثمائة]
(٣٥٧) وملكت ما بين العراق ويثربٍ ... ملكًا أجار لمسلمٍ ومعاهد
لما تقدم قبله يريد: أجار مسلمًا ومعاهدًا، والمعاهد: اسم مفعول من العهد، وهو الأمان والذمة، ومنه قيل للحربي الذي يدخل بالأمان: ذو عهد ومعاهد،