[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثمانون بعد الثلاثمائة]
(٣٨٥) غضبت عليَّ لإن شربت بجزةٍ ... فلإذ غضبت لأشربن بخروف
علي أنَّ اللام الموطئة دخلت علي "إذ" تشبيهًا له بإن الشرطية. قال ابن جني في "سر الصناعة": وقد شبه بعضهم "إذ" بإن، فأولاها اللام فقال:
غضبت عليَّ وقد شربت بجزَّة ... البيت انتهي.
قال الدماميني: ووجه شبه "إذ" بإن أنَّ "إذ" ترد للتَّعليل و "إن" للشرط، وهما متقاربان في المعني، بل ادَّعي ابن الحاجب أنَّ معني قولك: إن أتيتي أكرمتك، وقولك: أكرمك لإتيانك، واحد. انتهي.
والبيت من أبيات نسبها الأصمعي وغيره لأعرابي، وعزاها الجاحظ في كتاب "البيان" لراع من الرعاة، ووقع في رواية الجميع: "فلئن غضبت" بإن الشرطية لا بإذ. قال أبو علي القالي في "أماليه": حدثنا أبو بكر قال: أخبرنا عبد الرحمن أو أبو حاتم، الشك من أبي علي عن الأصمعي، قال: اشتري أعرابي حمرًا بجزة صوف، فغضبت عليه امرأته فأنشأ يقول:
غضبت عليَّ لئن شربت بصوف ... ولئن غضبت لأن شربن بخروف
ولئن غضبت لأشربنَّ بنعجةٍ ... دهساء مالئة الإناء سجوف
ولئن غضبت لأشربنَّ بناقةٍ ... كوماء ناوية العظام صفوف
ولئن غضبت لأشربنَّ بسابحٍ ... نهد أشمَّ المنكسبين منيف
ولئن غضبت لأشربنَّ بواحدي ... ولأجعلنَّ الصبر عنه حليفي
ولقد شهدت الخيل تعثر بالقنا ... وأجبت صوت الصاروخ الملهوف
ولقد شهدت إذا الخصوم تواكلوا ... بخصام لا نزقٍ ولا علفوف
قال أبو علي: الصَّفوف: التي تصفٌّ بين رجليها عند الحب، ويقال: إلي يصف بين محلبيها. والسجوف: التي لها سجفتان من الشحم، أي طبقتان، والسجف