به -أي: بقوله: ارحل- كمال إظهار الكراهة لإقامته، وقوله: لا تقيمن عندنا أوفي بتأديته لدلالته عليه بالمطابقة. قال السعد في "المطول": فإن قلت: قوله: لا تقيمن عندنا إنما يدل بالمطابقة على طلب الكف عن الإقامة، لأنه موضوع النهي، وإما إظهار كراهة المنهي، فمن لوازمه ومقتضياته، فدلالته عليه تكون بالالتزام دون المطابقة. قلت: نعم، ولكن صار قولنا: لا تقم عندي بحسب العرف حقيقة في إظهار كراهة إقامته وحضوره، حتى إنه كثيراً ما يقال: لا تقم عندي، ولا يراد كفه عن الإقامة، بل مجرد إظهار كراهة حضوره، والتأكيد بالنون دال على كمال هذا المعنى، فصار:"لا تقيمن عندنا" دالاً على كمال إظهار الكراهة لإقامته بالمطابقة. انتهى المراد منه.
والبيت لم أقف على تتمته، ولا على قائله، والله أعلم.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعون بعد الستمائة]
هو أول أبيات ثلاثة أوردها أبو تمام في أول "الحماسة"، وبعده:
فو الله ما أدري وإني لصادق ... أداء عراني من حبابك أم سحر
فإن كان سحراً فاعذريني على الهوى ... وإن كان داء غيره فلك العذر
قال ابن جني في "إعراب الحماسة: قوله: وقد نهلت منا المثقفة السمر، منصوب الموضع إلا أنه بدل من قوله والخطي يخطر بيننا، وذلك منصوب بقوله ذكرتك، وجاز إبداله منه لما في الثاني من البيان الزائد على ما في الأول، ألا ترى أنه قد يخطر الخطي بينهم، ثم لا يكون مع ذلك ناهلاً، بأن يكون تجاول من غير تطاعن، وقد جاء به شاعرنا فقال: