بدّلتهُ الشمسُ من منبته ... بدراً أبيض مصقول الأشر
روي عن الشعبي أنه كان يسأل جلساءه عن هذا البت ومعناه فلا يجيبون، ثم فسره لهم فقال: إن الغلام والجارية من غلمان العرب إذا سقطت سنة يقف بحذاء الشمس فيحذف بها، ويقول: كأنه يخاطب الشمس: أبدليني بها سنًا أحسن منها، فهذا معني قول طرفة.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والأربعون بعد المائة]
(١٤٩) كفي الشَّيبُ والإسلامُ للمرء ناهيا
وصدره:
عُميرة ودِّع إن تجهَّزت غادياً
على أنه جاء فاعل كفي مجرداً عن الباء.
وأورده سيبويه في باب "عدة ما يكون عليه الكلم" قال: وقد تكون باء الإضافة بمنزلتها، أي: بمنزلة "من" في التوكيد، وذلك قولك: ما زيد بمنطلق، ولست بذاهب، أراد أن يكون مؤكدًا حيث نفي الانطلاق والذهاب، وكذلك كفي بالشيب واعظاً، لو ألغي الباء لاستقام الكلام قال عبد بني الحسحاس:
كفي الشيب والإسلام للمرء ناهيا
انتهي. قال الأعلم: الشاهد فيه رفع الشيب بكفي بعد إسقاط حرف الجر المستعمل في مثله للتوكيد، إذا قالوا: كفي الشيب، وكما قال عز ذكره:{وكفي بالله شهيداً}[النساء/٧٩] أي: كفي الله من شهيد: وقوله: عميرة ودع، أي: ودعها وداع تارك للصبا، متعظ بما شمله من الشيب، وأحاط