[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والأربعون بعد التسعمائة]
(٩٤٣) وعذلت أهل العشق حتى ذقته ... فعجبت كيف يموت من لا يعشق
هو من قصيدة لأبي الطيب المتنبي قالها في صباه يمدح محمد بن أوس بن معن الأزدي، قال الواحدي: يذهب في هذا البيت إلى أنه من المقلوب على تقدير: كيف لا يموت من يعشق؟ يعني أن العشق يوجب الموت لشدته، وإنما يتعجب ممن يعشق، ثم لا يموت، وإنما يحمل على القلب ما لا يظهر المعنى دونه، وهذا ظاهر المعنى من غير قلب، وهو أنه يعظم أمر العشق، وجعله غايه في الشدة، يقول: كيف يكون موت من غير عشق، أي: من لم يعشق يجب أن لا يموت، لأنه لم يقاس ما يوجب الموت، وإنما يوجبه العشق، وقال بعض من فسر هذا البيت: لما كان المتقرر في النفوس أن الموت في أعلى مراتب الشدة قال: لما ذقت العشق، وعرفت شدته، عجبت كيف يكون هذا الأمر المتفق على شدته غير العشق. انتهى.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد التسعمائة]
(٩٤٤) إذا أحسن ابن العم بعد إساءة ... فلست لشري فعله بحمول
أراد: لشر فعليه فقلب، وفي طبع هذا الشاعر غلظة وجفاء وقسوة، فإن كلامه هذا بخلاف قول الله تبارك وتعالى:(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)