للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والسبعون بعد الثمانمائة]

(٨٧٦) يا عمرو إنك قد مللت صحابتي ... وصحابتيك إخال ذاك قليل

على أن ابن مالك أنشده شاهداً على وقوع اسم الإشارة مصدراً مؤكداً للفعل من غير نعته بمصدر. أقول: أنشده في باب "ظن" من "شرح الكافية" التوكيد يدل على الاعتناء بالمؤكد، والإلغاء يدل على عدم الاعتناء بالملغى، فلذلك قبح توكيد ما ألغي من هذه الأفعال، نحو: زيد ظننت ظناً منطلق، فلو أضمر المصدر، أو أشير إلى معناه، اغتفر ذلك نحو: زيد ظننته مقيم، أو ظننت ذلك، ومنه قول الشاعر:

يا عمرو إنك قد مملت صحابتي .. البيت

وإنما اغتفر التوكيد بالضمير واسم الإشارة، لأنهما لا يتنزلان منزلة تكرير الفعل، بخلاف التوكيد بصريح المصدر، فإنه بمنزلة تكرير الفعل فقبح كما قبح تكرير الفعل إذا ألغي. انتهى. فذلك إشارة إلى مصدر إخال.

وأنشده أيضا أبو بكر محمد بن الإشبيلي الشهير بالخفاف في باب "ظن" من شرحه على "الجمل الزجاجية"، أجاز المازني نيابة ذلك مناب مفعولي ظننت، ومفعولي أعلمت الثاني والثالث، فأجاز أن تقول: ظننت ذلك، في جواب من قال: هل ظننت زيداً قائماً. وأشرت بذلك إلى مفعولي ظننت، وكذلك: أعلمت زيداً ذلك، في جواب من قال: هل أعلمت زيداً عمراً منطلقاً؟ فتشير بذلك إلى المفعولين، فأنبته مناب المفعولين، وهو مفرد كما فعلت ذلك في أن واسمها وخبرها، وهي تتقدر بالمفرد، لكونها في المعنى جملة، وأجاز الفراء الإشارة بذاك إلى اثنين، لأن العرب قد تفعل ذلك، قال تعالى: (لاَّ فَارِضٌ ولا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>