[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثمانون بعد الخمسمائة]
(٥٨٧) شربت بها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنوا نعش دنوا فتصوبوا
على أنه استعمل الواو في غير ضمير العقلاء، قال سيبويه: وأما (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[الأنبياء/ ٣٣] و (رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)[يوسف/ ٤] و (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)[النمل/ ١٨٤] فزعم أنه جعلهم بمنزلة من يعقل ويسمع لما ذكرهم بالسجود، وصار النمل بتلك المنزلة حين حدث عنه كما يحدث عن الأناسي، وكذلك (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[الأنبياء/ ٣٣] لأنها جعلت في طاعتها، وفي أنه لا ينبغي لأحد أن يقول: مطرنا بنوء كذا، فلا ينبغي لأحد أن يعبد شيئاً منها بمنزلة ما يعقل من المخلوقين، ويبصر الأمور. قال النابغة الجعدي:
شربت بها والديك يدعو ... البيت
فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تؤمر وتطيع، وتفهم الكلام، وتعبد، بمنزلة الآدميين. انتهى.
قال ابن خلف: الشاهد أنه جمع "ابناً" من غير ما يعقل، جمع العقلاء المذكرين، فقال: بنو، وكان ينبغي أن يقول: بنات نعش، واحدها ابن نعش، لأن ما لا يعقل من المذكر والمؤنث يجمع جمع السلامة والتكسير: حكمام وحمامات، وحمل بنو نعش على ما يعقل لما كان دورها على مقدار لا يتغير، فكأنها تقدر ذلك