رابعها: التأكيد بأجمع، ولم يسبق بكل، هو تأوكيد ذا إناء بمعنى اللبن، وقوله: لتغني عني، قال ابن يعيش: العرب تقول: أغن عني وجهك، أي: اجعله بحيث يكون غنيًا عني لا يحتاج إلى رؤيتي، يقول له الضيف: حسبي ما شربت، فيقول له المضيف: اشرب جميع ما في الإناء ولا تردّه عليّ. وقال السيّد: أي: لتبعدنّ ذا إنائك عني، ولتجعله في غنى مني، كأنَّ الطعام محتاج إلى من يطعمه. انتهى. وقد بسطنا الكلام على هذا البيت بأكثر ممّا هنا وشرحنا جميع القصيدة في شرح الشاهد الثالث والخمسين بعد التسعمائة، من شواهد الرضي.
وحريث بن عنّاب: بضم الحاء المهملة، وآخره ثاء مثلثة، وعنّاب، بفتح العين المهملة وتشديد النون، كذا ضبطه العسكري في كتاب "التصحيف" عن المعمّري عن ثعلب والجوهري في "الصحاح" والصّاغاني في "العباب" قال الأصفهاني في "الأغاني": هو حريث بن عنّاب النبهاني، وهو نبهان بن عمرو بن الغوث ابن طيّ، وهو شاعر إسلاميّ من شعراء الدولة الأموية، وليس بمذكور في الشعراء؛ لأنه كان بدويًّا مقلًّا غير متصدّ بشعر للناس في مدح ولا هجاء، ولا كان يعدو بشعره أمر ما لا يخصّه، ثمَّ أورد له أشعارًا وحكايات، ونبهان، بفتح النون وسكون الموحدة.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد الثلاثمائة]
(٣٤٤) وابكنَّ عيشًا تقضَّى بعد جدَّته ... طابت أصائله في ذلك البلد
على أن أصله: وابكينَّ، فحذفت الياء وهي لام الفعل، وهو خطاب لمذكر بدليل ما قبله وهو:
يا عمرو أحسن نماك الله بالرَّشد ... واقر السَّلام على الأنقاء والثَّمد