أحدهما على الآخر من قوله:"فرفع أبو من، ثم خفض مزمل"، ولا خبراً عن أحدهما، أما الأول، فلعدم المطابقة، إذ لم يقل يبينان، وأما الثاني، فلاشتمال الجملة على قيد لا يصح تعلقه بكل منها، وذلك لأن رفع "أبو من" لا يبين قوله "مغرياً ومحذراً". وإنما يبين وقله: مغرياً فقط، وخفض "مزمل" أيضاً لا يبين في الحالتين وإنما يبين في حالة التحذير، فكيف السبيل إلى تصحيح الكلام؟ قلت: السبيل إليه أن يجعل قوله "مغرياً" قيداً للمحذوف لا للمذكور، ويجعل "يبين قولي" بلا قيد، خبراً عن أحدهما، وخبر الآخر محذوفاً، والتقدير، على أن يكون الحذف من الثاني مثلاً: فرفع "أبومن""يبين قولي"، وخفض "مزمل" كذلك، هما يبينان قولي:"مغرياً ومحذراً". واعلم ان الفاء وثم إذا وقع بعدهما ضمير، فإن كان ذلك الضمير فيما هو من مقام الخبر عن المعطوف بهما مع المعطوف، ففي مطابقته لهما خلاف. قال بعضهم: يجب حذف الخبر من أحدهما نحو: زيد فعمرو قائم، وزيد ثم عمرو قاشم، ولا يجوز المطابقة، فلا يقال في شيء من الصورتين: قاما مثلا، لأن تفاوتهما فيالترتيب يمنع اشتراكهما في الإضمار، وأجاز الباقون مطابقة الضمير هذا هو الحق نحو: زيد ثم عمرو قاما، إذ الاشتراك في الضمير لا يدل على انتقاء الترتيب حتى يناقض الفاء وثم، وهذه الأبيات لأمين الدين المحلي.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والخمسون بعد السبعمائة]
(٧٥٦) كأن أباناً في عرانين وبله ... كبير أناس في بجاد مزمل
على أن "مزملاً" حقه الرفع، لأنه صفة "كبير"، لكنه خفض بمجاورة المخفوض، وقد صرح المصنف في بعض تعليقاته أنه خفض لمجاورة "بجاد"،