يريد: فوجدت العيش من حبيب، وقيل: لإنه في موضوع الوصف لأحد، كأنه قال: ليس يفني عيشه أحد من الأولياء والأعداء لا يلاقي فيه ما يكرهه. وقوله: رمت الخطوب، أي: رمت معرفة الخطوب، وهي الأحوال المختلفة، يعني: أنه طلب معرفة الأشياء، وبحث عنها وهو حدث، والأطوار: الأحوال المختلفة، يقول: وجدت عيش الإنسان في طول عمره يختلف، فتارة يستغني، وتارة يفتقر، وتارة يصح، وتارة يمرض، وتارة يصيب، وتارة يخطئ، وقوله: ليس يفني عيشه، يريد: أزمان عيشه، والإمعار: الافتقار وتغير الحال. وقوله:"أو أخي ثقة "أي: من صديق حميم يوثق به في الشدة. هذا آخر كلامه.
والجيد أن تكون للبيان، فتكون مع مجرورها في موضع الحال من أحد، ورمت مصدره الروم: وهو الطلب، وفتى، أي شاباً، حال من التاء في "رمت" ويفني: مضارع أفناه، وعيشه: مفعوله مضاف إلى الضمير، وأحد: فاعله، والعيش: مصدر عاش، أي: صار ذا حياة، وجملة "لا يلاقي" إلى آخره، صفة لأحد، والإمعار، بالكسر مصدر أمعر، بالعين المهملة. وهذه الأبيات من قصيدة لعدي بن زيد العبادي، تقدم أبيات من أولها في الإنشاد الخامس بعد الثلاثمائة، ومطلعها:
يا لبينى أوقدي نارا ... إن من تهوين قد حارا
وعدي هذا جاهلي تقدمت ترجمته في الإنشاد الواحد والسبعين بعد المائتين. وقال السيوطي وتبعه ابن الملا في شرحه: هو عدي بن زيد بن حارث التيمي، وهذا خلاف الواقع، فإن عدياً هذا عبادي لا تيمي.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والتسعون بعد الستمائة]
(٦٩٩) فظل طهاة اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجل