للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتتنا بريح المسك خالط عنبرًا ... وريح الخزامى باكرتها جنوبها

[إلى]

[وأنشد في "إلى" وهو الإنشاد التاسع بعد المائة]

(١٠٩) فلا تتركنِّي بالوعيد كأنَّني ... إلى النَّاس مطليٌّ به القار أجرب

على أن "إلى" فيه بمعنى في، رده ابن عصفور في كتاب "الضرائر" قال، بعد أن أورد أبياتًا وقع فيها بعض حروف الجر موقع بعضها: هذه الأبيات وأمثالها فيها خلاف بين النحويين، فأهل الكوفة يحملونها على ما يعطيه الظاهر من وضع الحرف موضع غيره، وأهل البصرة يبقون الحرف على معناه الذي عهد فيه، إما بتأويل يقبله اللفظ، أو بأن يجعلوا العامل مضمنًا معنى ما يعمل في ذلك الحرف إن أمكن. ويرون أن التصرف في الأفعال بالتضمين أولى من التصرف في الحروف بجعل بعضها موضع بعض، لأن الحروف بابها أن لا يتصرف فيها، وأيضًا فإن الفعل إذا عدّي تعدي غيره بالتضمين الذي ذكرناه، كان لذلك سبب، وهو كون الفعلين يؤولان إلى معنى واحد، وإذا قدر أن أحد الحرفين وضع موضع الآخر من غير تضمين للعامل فيه معنى ما يتعدى بذلك الحرف؛ كان وضعه موضعه لغير سبب. فإن لم يمكن التأويل، ولا التضمين، اعتقدوا إذ ذاك أن أحد الطرفين موضوع موضع الآخر، ثم بيَّن التأويل والتضمين في الأبيات التي ذكرها، إلى أن قال: وقول النابغة:

إلى الناس مطليٌّ به القار أجرب

إنما وقعت فيه إلى موقع في، لأنه إذا كان بمنزلة البعير الأجرب المطلي بالقطران الذي يخاف عدواه، فيطرد عن الإبل، إذا أراد الدخول بينها؛ كان مبغضًا إلى الناس، فعومل مطلي كذلك معاملة مبغض. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>