[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والخمسون بعد الأربعمائة]
(٤٥٧) أقولُ لعبد الله لما سقاؤنَا ... ونَحْنُ بِوادي عَبْدِ شمسِ وهاشِمِ
أقول: جملة "شِمْ" من فعل الأمر وفاعله المستتر فيه مقول القول، وعبد الله المقول له، ولما: ظرف بمعنى حين متعلقة بأقول، وليست شرطية حتى تحتاج إلى جواب، فتقدير المصنف إياه مستغنى عنه، وجملة "ونحن بوادي عبد شمس": حال من فاعل أقول، وقول المصنف وهي بمعنى سقط، إنما وهى بمعنى تخرَّق وانشق كما في "الصّحاح" وغيره، وإليه أشار المصنف في "موقد الأذهان" بقوله: أي: أقول لما وَهَى سقاؤنا ونحن بوادي شمس، ولم يبق فيه شيء من الماء، "شم" البرق. انتهى. وهو أجود مما هنا، فإنَّ فيه إشارة إلى أ، مفعول "شم" محذوف وهو البرق، وإنما أمره بالشيم ترجيًّا للمطر، وقرينة هاشم لعبد شمس أبعدت فيهم المراد. ولأجل التعمية كتبَ وها بالألف دون الياء مع أنَّ واجب رسمه بالياء، لأنه يائي. والبيت نسبه المصنف في "موقد الأذهان" إلى تميم بن رافع المخذومي وأورد السُّيُوطي في كتاب "المزهر" بعد قوله أقول لعبد الله لمَّا سقاؤنا ... البيت، بيتًا للفرزدق من قصيدة وهو:
على حالةٍ لو أنَّ في القومِ حاتمًا .. على جُودِهِ لَضنَّ بالماء حَاتِمُ
فأوهم أنَّ البيتين من قصيدة واحدة لشاع واحد لتناسبهما، والبيت الأول ليس من شعر الفرزدق قطعًا، وقد نظرت قصيدته التي منها قوله: على حالة لو أن في القوم حاتمًا ... فلم أرَ ذلك للبيت فيها، وإنما هو لمن ذكر المصنف، وقد اغتر ابن وحيي بصنيع السيوطي، فقال: البيتان من قصيدة للفرزدق.