للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني بعد الأربعمائة]

لَا أعرِفَنْ ربْرَبًا حُورًا مَدَامِعُهَا

هو صدر وعجزه:

كأنَّ أبكارَها نِعَاجُ دُوَّارِ

على أنَّ "لا" هنا لنهي المتكلّم نفسه. وأورده سيبويه في باب النّون الثقيلة والخفيفة. قال الأعلم: الشّاهد فيه "لا أعرفن" أكّده بالنّون الخفيفة، لأنه نهي ومعناه: لا تقيموا بهذا المكان، فأعرف نساءكم مسببّات. يقول هذا لبني فزارة بن ذبيان، يخوفهم من النعمان بن الحارث الغسّاني، وكانوا قد نزلوا مرعى له محميًّا لا يقربه أحد. والرّبرب: قطيع بقر الوحش، كنى به عن النّساء، والأبكار صغارها، وأراد بها الجواري من النّساء، والنّعاج: جمع نعجة، وهي البقرة الوحشية، ويقال للشاة أيضًا نعجة، ودوّار بالضمّ: ما استدار من الرَّمل. وبعده:

يُذرِينَ دَمْعًا على الأشفارِ مُنحدِرًا ... يأملنَ رِحْلةَ حِصْنٍ وابنِ سَيّارِ

انتهى. وأقول: قال شارح "ديوان النابغة الذّبياني": قال أبو عبيدة: أحْمَى النّعمان بن الحارث الأصغر بن الحارِث الأوسط، وهو الأعرج بن الحارث الأكبر بن أبي شمر الغسّاني "ذا أقُرٍ"، وهو واد واسعٌ ممروء حَمْضًا ومياهًا، فاحتماه النّاس، فتربّعه بنو ذبيان، فنهاهم النّابغة، وخوَّفهم إغارة الملك، فعيَّروه خوفَه من النّعمان، وأبوا فتربّعوه، وكان النَابغة منقطعًا إليه. وقال أبو عمرو: أغار حصن بن حذيفة في بني آسد وغطفان على بعض أهل الشّام، ثمَّ نزلوا ذا أُقُرٍ، فنهاهم النّابغة عن ذلك، وحذَّرهم إغارة الملك، فغصبوه، فبعث إليهم النّعمان ابن الحارث الغسّاني جيشًا عليهم ابن الجلَّاح الكلبي، فأغار عليهم بذي أُقرٍ، فقال النّابغة في ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>