على أن تنوين الترنم "قد" يلحق الحرف أيضاً، وأصله: وكأن قدي بياء الإطلاق فأبدلت نوناً، وصدره:
أفد الترحل غير أن ركابنا
وأفد من باب فرح بمعنى قرب، والترحل: الرحيل، والركاب: الإبل، واحدتها راحلة من غير لفظها، ولما بمعنى لم، والرحال: جمع رحل وهو متاع المسافر وأثاثه وما يحتاج إليه، ومدخول قد محذوف، أي: وكأن قد زالت؛ وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الخامس والثمانين بعد المائتين.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والخمسون بعد الخمسمائة]
(٥٥٨) وقاتم الأعماق خاوي المخترقن
على أن هذه النون هي التنوين الغالي، والبيت مطلع أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج وصف بها قفراً تجاوزه بلا دليل على ناقة قوية شديدة تشبه حمار الوحش، وهذا مضمون الأرجوزة إجمالاً. والواو في أوله واو رب، ويأتي بعد ثمانية أبيات، وهو قوله: تنشطته. فيكون قاتم الأعماق منصوباً بفعل يفسره: تنشطته المذكور، والتقدير: رب قفر قاتم أعماقه تنشطت، تنشطته هذه الناقة، أي: تجاوزته وقطعته، وإنما لم ينصبه بتنشطته المذكور، لأن قد استوفى معموله.
وقد شرح هذه الأرجوزة شرحاً جيداً أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان