للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والستون بعد المائة]

(١٦٦) وجهك البدر لا بل لا شمس لو لم ... يقض للشمس كسفةٌ أو أفول

على أنه يزاد "لا" قبل "بل"، بعد الإيجاب لتوكيد الإضراب، وبل عاطفة عند البصريين خلافًا للكوفيين، قال أبو حيان في "شرح التسهيل": فإن قلت: الدليل على أن بل يعطف بها بعد الإيجاب، قول الشاعر:

وجهك البدر لا بل الشمس ... البيت

وقول الآخر:

وكأنّما اشتمل الضّجيع بريطةٍ ... لا بل تزيد وتارةً وليانا

ألا ترى أن قوله: وجهك البدر، جملة إيجابية، وكذلك: وكأنما اشتمل الضجيع بريطة، وكذلك قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا سبحانه بل عبادٌ مكرمون) [الأنبياء/ ٢٦] فاتخذ الرحمن ولدًا: جملة إيجابية؛ فالجواب: إن لهم، أي: للكوفيين، أن يتأولوا ذلك بأن قول الشاعر: "لا" رد لقوله: وجهك البدر، فكأنه قال: ليس وجهك البدر، وكذلك البيت الثاني، كأنه قال: لم يشتمل بريطة، فإن موضوع "لا" للنفي، وهي رد للإيجاب الذي قبلها. وأما الآية، فلهم أن يقولوا: إن قوله سبحانه تضمن نفي الولد، لأنه تنزيه وبراءة لله تعالى من اتخاذ الولد، فلما كان معناه النفي كأنه قيل: ليس لله ولد جاء، بل عباد مكرمون، وكون الكوفيين، وهم أوسع من البصريين في إتباع شواذ كلام العرب، يذهبون إلى أن بل لا تجيء إلا بعد نفي أو ما جرى مجراه، ولا تجيء بعد إيجاب؛ دليل على عدم سماعه من العرب، أو على قلة سماعه. ونقول على طريقة البصريين: إن وقع بعد بل جملة كانت إضرابًا عما قبلها على جهة الإبطال له، وإثباتًا لما بعدها، كقوله تعالى: {أم يقولون به جنيةٌ، بل جاءهم بالحقِّ} [المؤمنون/ ٧٠] أو على جهة الترك من

<<  <  ج: ص:  >  >>