بها عليه، رأى وجهًا جميلًا وخلقًا نبيلًا، فألقى إليها قضيبًا كان في يده، فنكّست لتأخذه، فرأى منها جسمًا بهره، فلمّا همَّ بها، أعلمه الأذن أنَّ رسول الحجّاج بالباب، فأذِنَ له، ونحّى الجارية، وأعطاه كتابًا من عبد الرحمن. فكتب إليه عبد الملك جوابه، ثم ثاب يقلّب كفَّ الجارية، ويقول: ما أفدتُ فائدةً أحبَّ إليَّ منكِ، فتقول: فما بالك، وما يمنعك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ما قاله الأخطل لأني إن خرجت منه. كنت الأمَ العرب:
قومٌ إذا حاربُوا شدُّوا مآزِرَهُمْ ... دونَ النساءِ ولو باتت بأطهارِ
فما إليك سبيلٌ، أو يحكُم اللهُ بيننا وبين عدوِّ اللهِ عبدِ الرحمن بن الأشعث، فلم يقربها حتى قتل عبد الرحمن. انتهى باختصار.
وأصل قولِ الأخطل من الحُطَيئة، فإنّه قال:
إذا هَمَّ بالأعداءِ لم يثنِ همَّه ... كَعَابٌ عليها لؤلؤ وشفوف
حصان لها في البيت زيٌّ وبهجةٌ ... ومشيٌ كما تمشِي القطاةٌ قطوفٌ
ومثلُهُ قولُ كثير عزَّة:
إذا ما أرادَ الغزوَ لم يثنِ همَّهُ ... حصانٌ عليهَا عِقْدُ دُرٍّ يزينُها
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثَّامن عشر بعد الأربعمائة:
أَرَى وأسمَعُ ما لو يسمَعُ الفِيلُ
على أنَّ المراد من المضارع هنا المضيّ، لأنَّ المقصود فرض سماعه الآن. وهذا المصراعُ من قصيدة كعب بن زهير المشهورة بـ "بانت سعاد" مدح بها