من زياد، وخوفه من عائلته، كانت حالته تشبه حالة من أخذ حذره من عدوه، وتسلح، وأخذ مجنه بيده، واستعد به للمدافعة عن نفسه، فلما هلك العدو، ترك الحذر، وألقى المجن من يده، وأظهر الفرح بسلامته، والشماتة بعدوه. والمجن، بكسر الميم: الترس والدرقة مأخوذ من الجنة، بضم الجيم، وهي السترة، لأن صاحب المجن يتستر به عما يقصد به من مكروه.
وزياد هو زياد بن عبيد، ويقال له: زياد بن سمية بالتصغير، اسم أمه، ويقال له: زياد ابن أبيه، أي: ابن أبي معاوية بن أبي سفيان، لأن معاوية استحلقه بأبيه بأبي سفيان، على أنه ولده من الزنا، وكان أمير العراقين، ومات سنة ثلاث وخمسين من الهجرة. قال الواقدي: سر أهل العراق والزهاد والعلماء بموته، وقالوا: مات طاغية العراق، وكان أبوه عبيد وأمه سمية مملوكين للحارث بن كلدة، بفتح الكاف واللام، وكان طبيب العرب ومن أشرافها.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والعشرون بعد التسعمائة]
(٩٢٢) واسقبلت قمر السماء بوجهها ... فأرتني القمرين في وقت معا
قال ابن الشجري في المجلس الثاني من "أماليه": أراد المتنبي بالقمرين: الشمس والقمر، ولو لم يردهما لم يدخل الألف واللام، ولقال: أرتني قمرين. انتهى. قال الصفدي في كتابه "رشف الزلال في وصف الهلال": وليس معنى البيت كما ظنه بعض الناس من أنه يريد بذلك أنه رأى في وقت واحد القمر ووجهها، وإنما التحقيق أنها لما استقبلت قمر السماء أرته خياله في وجهها، فرآهما في وقت