دعوت بني قحافة فاستجابوا ... فقلت ردوا فقد طابّ الورود
انتهى. وفي كتاب يتعلق بنقد الشعر ولا أعرف مؤلفه: ومن خبيث الهجاء وممضه قول عمرو بن معدي كرب: وجاشت إلى النفس .. البيت، لو أنَّ شاعرًا أراد هجاءه بأقبح من هذا البيت لما قدر عليه؛ لأنه ذكر أنَّ نفسه حسنت له الفرار، وجاشت من الخوف، فردَّها على المكروه قاستقرت، إلاَّ أنَّ جماعة من الشعراء الفرسان قد أتوا بهذا المعنى، واستحسنوا القبيح منه، وهم فرسان العرب، ومنهم ابن الإطنابة في قوله:
وقولى كلّما جشأت وجاشت ... البيت
وأخذه قّطّري بن الفجاءة فقال:
أقول لها وقد طارت شعاعًا .. من الأبطال ويحك لن تراعي
فإنَّك لو سألت بقاء يوم ... على إلاَّجل الَّذي لك لم تطاعي
ومثله لدريد:
جاشت إلى النفس في يوم الفزع
وهذا كثير جدا وإذا كان عمرو بن معدي كرب، وابن الإطنابة، وأمثالها من فرسإنَّ الجاهلية، ومن شهرت له المقامات في الحرّوب، يذكرون في أشعارهم أنَّ أنفسهم همّت بالفرار، فعذر الله الغمر والطبري وأشباهه في ذكرهم الفرار ما استحسنه وأجازه غيرهم من الفرسان المعدودين.
"كلّا وكلّتا"
أنشد فيهما، وهو الإنشاد الثالث والثلاثون بعد الثلاثمَّائة: