بعد حول سياسة ورياضة، فإذا بلغ حولين فهو جزع، فحينئذ يستغني عن الرياضة، يقول: أنا جذع البصيرة لا أحتاج إلى تهذيب، وإقدامي قارح، أي: قد بلغ النهاية. وقد استوفينا الكلام عليه في الشاهد التاسع والعشرين بعد الثمانية من شواهد الرضي.
وقطري هو رأس الخوارج كأن أحد الأبطال، خرج في مدة ابن الزبير، وبقي يقاتل ويستظهر بضعة عشر سنة، وسلم عليه بإمرة المؤمنين، وجهز عليه الحجاج جيشًا بعد جيش وهو يكسرهم، وتغلب على نواحي فارس وغيرها، وقد ذكر المبرد في "الكامل" كثيرًا من أخباره وأشعاره، وكان مع شجاعته من البلغاء، وله شعر جيد، وكان آخر أمره أن الحجاج ندب له سفيان ابن الأبرد في جيش كثيف، فأدركوه في شعب من شعاب طبرستان فقاتلوه، فتفرق عنه أصحابه، وسقط عن فرسه فتدهده إلى أسفل الشعب، وأتاه علج من أهل البلد، فحدر عليه جرًا من فوقه فأوهن وركه، وصاح بالناس فأقبلوا نحوه، وجاء نفر من أهل الكوفة فقتلوه، وأرسلوا رأسه إلى الحجاج، فسيره إلى عبد الملك، وذلك في سنة سبع وسبعين، بتقديم السين على الموحدة فيهما، كذا في "تاريخ النويري".
وقطري بفتحتين: منسوب إلى قطر، وهو موضع بين البحر وعمان من بلاد البحرين، وهو قطري بن الفجاءة المازني، نسبة إلى مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وفجاءة، بضم الفاء بعدها جيم فألف ممدودة.