كثير، وبها اشتهر، ولا يبعد أنه كنى بمية عن عزة، تمويهًا وتصنعًا. وعفاه: غير آثاره ودرسه، والأسحم: الأسود، والمراد به هنا السحاب، لأنه إذا كان ذا ماء يرى أسود لامتلائه. والمستديم: صفة كل، وهو السحاب الممطر مطر الديمة، والديمة: مطرة أقلها ثلث النهار وثلث الليل.
وترجمة كثير عزة تقدمت في الإنشاد التاسع عشر.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والعشرون بعد المائة]
(١٢٤) كأن لم يكونوا حمىً يتَّقى ... إذ النَّاس إذ ذاك من عزَّ برَّا
على أن "إذ" الأولى متعلقة بيكونوا، أو بحمى، أو بيتقي. والثانية: متعلقة ببز، وذاك: مبتدأ خبره محذوف، تقديره كائن.
وإعراب هذا البيت جميعه من كلام أبي علي، قال في كتاب "الإيضاح الشعري": قولها: إذ ذاك، لا يجوز أن يكون خبرًا للناس، لأنك لا تقول: الناس أمس، ولكن التقدير: إذ الناس من عزّ منهم بز إذ ذاك، فيرجع الذكر الذي تقدره محذوفًا إلى الناس، مثل: السمن منوان بدرهم، ويكون قوله: إذ ذك متعلقًا ببز، ومن بمعنى الذي، ولا يكون بمعنى الجزاء لأن الشرط وجوابه لا يعمل واحد منهما فيما قبله عندهم. ومن أجاز من البغداديين أن يعمل جزاء الشرط فيما تقدمه؛ جاز على قياس قوله أن يكون من شرطًا، وبز جوابه، وإذ منتصب الموضع به. وقوله:"إذ ذاك" ذاك: مرتفع بالابتداء، وخبره محذوف، لأن إذ لا تضاف إلا إلى جملة، والتقدير: إذ ذاك كائن أو موجود. انتهى كلامه.