قال أبو بكر القاري في شرحها: تقول استتبع فلانًا: ذهب به، ومستتبع: مستلحق. انتهى. فمستتبع اسم مفعول. وقال الإمام المرزوقي في شرحها أيضًا: غبرت: بقيت، ويروى:"فلبثت" يقول: بقيت بعد بنيّ بعيشٍ ذي نصب، وأظن أنّ الغم قد تناهى، وقد استتبعت.
وقوله: يعيش ناصب، أي: غبرت عائشًا ذا نصبٍ، وناصب عند سيبويه، يراد به النسب، كأنه وضع موضع نصبي، كما قيل: تاجر، موضع تجاري، وخباز، موضع خبزىّ، ولو جاء على الفعل لقيل: عيشٌ منصبٌ، وحكى الدريدي: نصبه المرض وأنصبه: إذا أثر فيه، وكذلك الحزن، وعليه فالأمر واضح، جعل النصب للعيش لما كان فيه، كما يقال: نهارٌ صائمٌ، وليل قائم. وقال بعضهم: أنصب فهو ناصب، كأيفع الغلام فهو يافع، وأصبح الرجل فهو صابح، والوجه الأول.
إخال: غلب عليه في الاستعمال لغة من يكسر زوائد الفعل المضارع إلا الياء في فعل، وفيما زاد على الثلاثي، والأصل: خلت أخاك، بالفتح، ويجوز استعماله أيضًا، وقد حمل الظن في هذا البيت على اليقين، كأنّ المعنى: وأتيقن أني لاحق بهم، وتابع لهم، كما قال تعالى (الذّين يظنون أنّهم ملاقوا الله)[البقرة/٢٤٩] والصواب أن يترك في بابه، لأنّ قوله: لاحق، ومستتبع حال أولى بهما من الاستقبال، لتجردهما عن القرائن، وإذا كان كذلك، وكان أبو ذؤيب لتبريح حياته، وانتهاء الشقاء به في عيشه، قدر أنّ عمره ينقطع في حالته تلك لشدة الأمر به، وغلبة اليأس عليه، ولم يتيقنه، فيجب أن يكون إخال بمعنى: أظن لا غير، فعلى هذا أول البيت تألم، وآخره إظهار يأس، وعلى طريقتهم يصير الكلام على طريقة واحدة كلامه.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والسبعون بعد الثلاثمائة]
(٣٧٨) إن كنت قاضي نحي يوم بينكم ... لو لم تمنوا بوعد غير توديع
على انه حذفت اللام الفارقه، لظهور معنى الإثبات، ولو ذكرت لكًانت مع خبر