للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثمانون بعد الأربعمائة]

(٤٨٩) أين المفر والإله الطالبُ ... والأشرم المغلوب ليس الغالبُ

على أن" ليس" خبرها ضمير مستر فيها تقديره ليسه الغالب، خلافًا للكويين في زعمهم أنها عاطفة بمعنى لا. والأشم في اللغة: المشقوق الأنف، وهو لقب أبرهة ملك الحبش، والسبب في هذا الشعر ما حكاه ابن شام في" السيرة" قال: فلما أسبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله، وعبى جيشه، وكان اسم الفيل محمودًا، وأبرهة مجمع لهدم البيت الشريف، فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذ بأذنه، فقال: ابرك حمودًا، وارجع راشدًا من حيث أتيت، فإنك في بلد الله الحرا، ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل، وخرج نفيل يشتد حنى أصعد في الجبل، ضربوا الفيل ليقوم فأني، فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم، فأني، فأدخوا محاجن لهم في مراقه، فنزعوه بها ليقوم، فأبي فوجهوه راجعًا إلى اليمن، فقام يهروك، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففع مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، وأرسل الله إليهم طيرًا من البحر أمثال الحطاطيف مع كل طائر ثلاثة أحجار: حجر في منقاره، وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدًا إلًا هلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا يسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نفيل حين رأيى ماأنزل الله بهم من نقمته:

أبن المفر والإله الطالبُ ... والأشوم المغلوب ليس الغالبُ

انتهى المقصود منه، ونفي بن حبيب خثعمى، فلما كان أبرهة في مسيره إلى مكة، ونزل بأرض خثعم، عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي مع من تبعه من العرب فقاتله، فهزمه أبرهة، وأخذ نفيل أسيرًا، فلما هم قتله، قال له نفيل:

أيها الملك لا تقتلني، فإني دللك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم بالسمع والطاعة فخلى سبيله، وخرج معه يدله. كذا في سير ابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>