يميل بها وهي تنادي به وتقول: قد عقرت بعيري فانزل، حتى إذا بلغ قريباً من الحيَّ كمن في غمض من الأرض وسار النساء حتى بحقن برحالهن. انتهي. وقد روى ابن عبد ربه في "العقد الفريد" خبر هذا اليوم بأبسط من هذا، وقد نقلناه هناك.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع عشر بعد المائتين]
(٢١٩) فه بالعقود وبالأيمان لاسيما ... عقد وفا به من أعظم القرب
علي أن قولهم:"ولاسيَّما" تخفف ويحذف واو العطف، واختلف في المحذوف هل هو العين أو اللام، قال أبو حيان: المحذوف اللام، ويجوز أن يكون العين وهي من باب طويت. انتهي. وقال ابن إياز في "شرح الفصول": الذي يقتضيه القياس أن يكون المحذوف اللام، لأن الحذف، إعلال والإعلال في اللام شائع كثير بخلاف العين، وزعم بعضهم أنهم حذفوا الياء الأولي، والثانية متحركة، والمتحرك أقوى من الساكن، فكانت الأولى أولى بالحذف لضعفها.
وقوله: فه؛ أمر بالوفاء، من وفى يفي والهاء للسكت. لا ينطبق به في الوصل، وإنما رسم لاعتبار النطق به في الوقف، كما هو قاعدة الخط. والعقود: جمع عقد، وهو العهد الموثق، وأصله الجمع بين شيئين بحيث يعسر الانفصال، والوفاء بالعقد: هو القيام بمقتضي العهد، والأيمان: جمع يمين وهو القسم، والقرب: جمع قربه، وهو ما يتقرب به، ووفاء: بدل اشتمال من عقد، ويجوز في عقد الوجوه الثلاثة، كما في بيت امرئ القيس. والبيت أنشده ابن مالك في "شرح التسهيل" ولم يعزه إلي قائله.