للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الطبي: قوله: أيادي سبا يا عزَّ ... البيت، تقديره: يا عزّة كنت بعدكم أيادي سبا، وما مزيدة، أو للداوم، يقال: حلا الشيء في فمي يحلو، وحليّ بعيني وقلبي يحلى، أي: كنت بعدكم مثل أيادي سبا، وقولهم: ذهبوا أيدي سبا، أي: مثل أيدي سبا، ووجب إضمار مثل، لأن أيدي سبا وقع حالًا عن فاعل ذهبوا وهو معرفة، لأنَّ إضافته حقيقة، ومن حق الحال أن يكون نكرة، والتقدير: متفرقين، وسبا مهموز في الأصل، غير أنه التزم التخفيف في هذا المثل، والأيدي كناية عن التفرقة، لأنهم تفرقوا في البلاد من قولهم: أخذ يد البحر، أي: طريقه، وقيل: أيدي سبا، أي: أولاد سبا، سُمُّوا أيدي، لأنَّ الأولاد أعضاؤه لتقويّه بهم. انتهى كلامه، ومن خطه الشريف نقلت.

والمنظر: إمّا مصدر ميمي، أو اسم مكان، والمعنى كنت بعد فراقك يا عزة مشتّت الحال، مفرق البال، فلم يحل لعيني نظر أن منظر، فظهر بهذا أن المعنى مع لم، فإنَّ ما ذكره حكاية حال ماضية، لا إخبار عن أمر مستقبل، والرواية: فلك يحلّ بالعينين، بالباء لا باللام، وهو المذكور في كتب الّلغة. والله أعلمُ بحقيقة الحال. وترجمة كثير عزة تقدمت في الإنشاد التاسع عشر.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والستون بعد الأربعمائة]

(٤٦٤) لنْ يخِبِ الآنَ مَنْ رَجَاكَ وَقَدْ ... حَرَّكَ مِنْ دونِ بابكَ الحَلَقَةْ

على أنَّ لن فيه أيضًا جازمة بدليل حذف الياء التي هي عين الفعل لالتقاء الساكنين، وأما كسر الآخر، فهو عارض لالتقاء الساكنين، ولو كانت ناصبة، لقيل: لن يخيب بإثبات الياء وفتح الآخر، قال أبو حيان: قد حكي أن الجزم بها لغة، وهذا البيت أنشده أبو الحسين بن الطراوة، والمصراع السابق أنشده غيره. وأقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>