وأقول: سيبويه إنما أنشده لأبي دواد، وكذا نسبة خدمة كتابه، وقد سها أبو العباس في هذه النسبة. والبيت من قصيدة لأبي دواد وهي ثابتة في ديوانه، وهو شاعر جاهلي تقدمت ترجمته في الإنشاد الخامس والسبعين بعد المائة.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والسبعون بعد الأربعمائة]
(٤٧٩) وجبت هجيرًا يترك الماء صاديًا
على أنه جعل الماء صاديًا مجازًا، وهو عجز وصدره:
لقيت المرورى والشناخيبُ دونهُ
وهذا المصراع أورده ابن الشجري مع البيتين قبله في شرح قوله:
فليت كفافًا كان خيرك كلُّهُ .. البيت.
قال: أجاز بعض المتأخرين أن يكون الماء رفعًا بأنه فاعل "ارتوى" من غير تقدير مضاف قال: وجاز وصف الماء بالارتواء للمبالغة، كما جاز وصفه بالعطش لذلك في قوله:
وجبت هجيرًا يترك الماء صاديًا انتهى.
وهو من قصيدة لأبي الطيب المتنبي مدح بها كافورًا الإخشيدي، وهي أول قصيدة مدحه بها، وقبله:
أبا المسك ذا الوجه الذي كنت تائقًا إليهِ ... وذا الوقت الذي كنت راجيًا
قال الواحدي: يقول: وجهك الذي أراه الوجه الذي كنت أشتاق إليه، وهذا الوقت الذي أنا فيه، الوقت الذي كنت أرجو دركه، يعني وقت لقائه، والمرورى بفتحتين وسكون الواو وبالقصر، قال الواحدي: جمع المروراة وهي الفلاة الواسعة، والشناخيب: جمع شنخوب وشنخاب، وهي ناحية الجبل المشرقة وفيها حجارة