على أنَّ "لَمّا" فيه بمعنى إلاَّ، والقسم استعطافي، وغنث بالغين المعجمة والنون المثلثة جاء من ضرب، ومن باب فرح، حكى الأول أبو حنيفة الدينوري في كتاب "النبات" عن أبي عمرو مع هذا الرجز، وكذا في "جمهرة ابن دريد" وحكى الثاني الأزهري في "التهذيب" عن الليث، وقد جمعهما الصاغاني في "العباب"، فقال: قال الليث: غنث من اللبن -بكسر النون- يغنث غنثًا، وهو أن يشرب ثم يتنفس، يقال: إذا شربت منه، بفتح النون، وأنشد:
قَالَتْ لَهُ تَاللهِ يَاذَا البُرْدينْ ... إلى آخره
وهذه المادة لم يذكرها الجوهري في "الصحاح".
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد الأربعمائة]
على أنَّ أصله: لن أدع القتال، وأشهد الهيجاء ما رأيت أبا يزيد مقاتلًا، ففَصَل بين "لن" والفعل المتصل بها لضرورة الشعر، كذا في كتاب "الضرائر" لابن عصفور، وقال ابن جبي في باب الشجاعة في العربيّة من "الخصائص" يريد: أن أدع القتال ما رأيت أبا يزيد مقاتلًا، وكأنه شبّه لن بأنَّ، فكما جاز الفصل بين أنَّ واسمها بالظرف في نحو قولك: إنَّ في الدار زيدًا كذلك شبّه لن مع الضرورة بها، وفصل بينها وبين منصوبها بالظرف الذي هو ما رأيت أبا يزيد، أي: مُدَّة رؤيتي. انتهى كلامه.