للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن قلوب الطير رطبًا ويابسًا ... لدى وكرِها العُنَّابُ والحشَفُ البالي

قيل: فأيُّ بيتٍ قالته العربُ أنسب؟ قال: بيت امرئ القيس:

وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل

قيل: وأي بيت قالته العرب أجمع في وصف الفرس؟ قال: بيت امرئ القيس: له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ وإرخاءُ سرحانٍ وتقريبُ تتفلِ

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث عشر بعد الأربعمائة]

فلو كان حمدٌ مخلِدَ الناسِ لم يمت ... ولكنَّ حمدَ الناسِ ليسَ بمخلدِ

لما تقدم قبله: والبيت من أواخر قصيدة لزهر بن أبي سلمى مدح بها هرم بن سنان المري، وبعده:

ولكن منه باقياتٍ وارثةً ... فأورِث بنيك بعضها وتزود

تزود إلى يوم الممات فإنه ... ولو كرهته النفس آخر موعد

يقول: لو أن الفعل المحمود يخلد صاحبه، لخلدك ولم تمت، ولكنه لا يخلد أحدًا، غير أنه منه ما يبقى ويتوارث، فيقوم مقام الحياة لصاحبه. فأورث بعض مكارمك ومحامدك، وتزود بعضها لما بعد موتك، فإنّ الموت موعد ولا بدَّ منه، وإن كرهته النفس، فينبغي أن تتزود له.

وهذا الشعر يدل على إقرار صاحبه بالحشر والجزاء وإن كان جاهليًا. وقد أخذ البيت الأول الأحوص الأنصاري فقال:

ولوْ كانَ بذلُ المالِ والعرفُ مخلِدًا ... من الناس إنسانًا لكنتَ المُخَلَّدا

<<  <  ج: ص:  >  >>