للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلَّة، بالضم: الصداقة والمحبة، ومهدد، كجعفر: اسم امرأة، وقوله: ولكن أرى .. الخ، التفت من الخطاب إلى التكلم، واستدراك أن ذلك التململ ليس من عشق الغانيات، وإنما هو جور الدهر، والخاتر بالراء، قال ابن حبيب: الخاتر: الغادر، والختر: الغدر، وروي (خائن) بالنون، وقوله: شباب وشيب .. الخ، قال ابن حبيب: يقول: هذه أحوال الدهر وتصرفه، فلله هو كيف يتصرف. انتهى. وأشار إلى أن هذه الأمور خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: أحوال الدهر شباب وشيب .. الخ، بمعنى أن هذه الأمور تحدث منه ويتصرف في الإنسان على مراده، وإن كان ظاهر كلامه بعكس ما قلنا، فإنه جعل هذه الأمور مبتدأ، وأخبر عنه بالأحوال، و (لله) الجار والمجرور خبر مقدم، وهذا الدهر: مبتدأ مؤخر، والتردد: الرجوع إلى الشيء مرة بعد مرة للتصرف فيه، (وكيف) المقصود بها التعجب أيضًا، قال ابن الشجري في (أماليه) بعد إنشاد البيت: جعل الخبر والاستفهام جميعًا تعجبًا. انتهى. وروى ابن هشام وغيره: (كهولاً وشبّابًا فقدت وثروة). وترجمة الأعثى تقدمت في الإنشاد التاسع عشر بعد المائة.

[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والخمسون بعد الثلاثمائة]

(٣٥٦) ومن يك ذا عظمٍ صليبٍ رجا به ... ليكسر عود الدَّهر فالدَّهر كاسره

على أن اللام زائدة في مفعول الفعل المتعدي المتأخر عن الفعل، فإن (رجا) فعل متعد، فكان القياس: رجا به أن يكسر عود الدهر. قال ابن مالك في (شرح التسهيل): لا تزاد اللام إلا مع مفعول به، بشرط أن يكون عامله متعديًا إلى واحد، فإن كانت زيادتها لتقوية عامل ضعيف بالتأخر نحو {إن كنتم للرؤيا تعبرون} [يوسف/٤٣] أو لكونه فرعًا في العمل نحو: {إن ربَّك فعّال لما يريد} [هود/١٠٧] جاز القياس على ما سمع منها، وإن كانت بخلاف ذلك قصرت على السماع نحو: (ردف لكم) [النمل/٧٢] ومنه قول الشاعر:

ومن يك ذا عودٍ صليبٍ رجا به ... البيت

<<  <  ج: ص:  >  >>