لأمر ما لي فيه من أرب، فقال: فإنه يحرم الخمر! فقال الأعشى: أما هذه فو الله إن في النفس منها لعلالات، ولكني منصرف فأتروى منها عامي هذا ثم آتيه فأسلم، فانصرف فمات من عامه ذلك، ولم يعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى وقال السهيلي في (الروض الأنف): هذه غفلة من ابن هشام ومن قال بقوله، فإن الناس مجمعون على أن الخمر لم ينزل تحريمها إلا بالمدينة بعد أن مضت بدر وأحد، وحرمت في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل، فإن صح خبر الأعثى وما ذكر له في الخمر، لم يكن هذا بمكة وإنما كان بالمدينة إن صح، ويكون القائل له: أما علمت أنه يحرم الخمر، من المنافقين أو من اليهود. وفي القصيدة ما يدل على هذا قوله: فإن لها في أهل يثرب موعدًا
وقد ألفيت للقالي رواية عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: لقي الأعثى عامرًا بن الطفيل في بلاد قيس، وهو مقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر له أنه يحرم الخمر فرجع، فهذا أولى بالصواب. انتهى.
وقد وقع من هذه القصيدة شواهد في مواضع من هذا الكتاب في ليس، وفي ما، وفي مذ، وفي حرف الألف، وفي الباب الخامس، ونحن نوزع شرحها على هذه المواضع نشرح جملة أبيات منها مع شرح كل شاهد، فنقول أول القصيدة:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السَّليم مسهَّدا
وما ذاك من عشق النِّساء وإنما ... تناسيت قبل اليوم خلَّة مهددا
ولكن أرى الدهر الذي هو خاتر ... إذا أصلحت كفَّاي عاد فأفسدا
شباب وشيب وافتقار ونزوة ... البيت
كذا في رواية ابن حبيب. قوله: ألم تغتمض عيناك .. الخ، يأتي شرحه إن شاء الله في الباب الخامس في الإنشاد الواحد والخمسين بعد الثمانمائة. وقوله: وما ذاك، الإشارة لما تقدم في البيت من التململ والسهر والقلق، وتناسيت بـ (تا) الخطاب،