للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن اللام في "لله" للتعجب، والبيت من قصيدة للأعشى ميمون بن قيس البكري، مدح بها النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يوفق للإسلام، قال جامع ديوانه ابن حبب: وقال الأعشى عند ظهور النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصيدة، وأقبل حتى دخل مكة، وقد سمع قراءة الكتب، فنزل على عتبة بن ربيعة، فسمع به أبو جهل فأتاه في فتيةٍ من قريش، وأهدى إليه هديةً ثمَّ سأله: ما جاء بك؟ قال: جئت إلى محمد صلى الله عليه وسلم، لأني كنت سمعت الكتب؛ لأنظر ماذا يقول وما يدعو إليه. فقال له أبو جهل: إنه يحرم عليك الأطيبين: الخمر والزنا. فقال: لقد كبرت، وما لي في الزنا حاجة. قال: إنه يحرم الخمر، قال: فما أحل؟ فجعلوا يحدثونه أسوأ ما يكون من الكلام والفعل، ثمَّ قالوا: أنشدنا ما قلت فيه، فأنشدهم هذه القصيدة، فلما فرغ منها قالوا: لو أنشدته هذا لم يقبل منك، فلم يزالوا به حتى صدّوه، فخرج من فوره فأتى اليمامة، فمكث زمنًا يسيرًا فمات بها. انتهى.

وهذا الخبر لا يصح، فإن الأعشى كان قاصدًا المدينة المنورة؛ ليجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، بدليل قوله في قصيدته:

فإنَّ لها في أهل يثرب موعدًا

وأبو جهل كان قد قتل في غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، وأيضًا تحريم الخمر متأخر عن قتل أبي جهل، فكيف يخبر الأعشى بتحريمها!

وقال ابن هشام في "السيرة": خرج الأعشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الإسلام، ومدحه بهذه القصيدة، فلما كان بمكة أو قريبًا منها اعترضه بعض المشركين من قريش، فسأله عن أمره فأخبره أنه جاء يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم، فقال له: يا أبا بصير إنه يحرم الزنا! فقال الأعشى: والله إنَّ ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>