[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والخمسون بعد الستمائة]
(٦٥٥) فإن تزعميني كنت أجهل فيكم ... فإني شريت الحلم بعدك بالجهل
لما ذكره، وهو ظاهر، قال أبو العلاء المعري في شرح "ديوان البحتري": يقولون زعمتك ظاعناً، والمعنى: زعمت أنك ظاعن، فلما حذفت "أن" وصل الفعل فعمل، وعلى ذلك قول أبي ذؤيب:"إن تزعميني كنت ... البيت" فالياء الأخيرة في "تزعميني" في موضع نصب، وقوله:"كنت أجهل فيكم" في موضع مفعول ثاني. انتهى.
والبيت من شواهد سيبويه. قال ابن خلف: الشاهد فيه أنه أعمل "تزعمين" فيما بعده لأنه مقدم عليه، فلا يحسن إلغاؤه، فالضمير المنصوب المتصل المفعول الأول، والجملة في موضع المفعول الثاني، وهو قوله:"كنت أجهل فيكم"، وكذلك موضع أجهل نصباً، لأنها جملة أيضاً وقعت في موضع المفرد، ويكون خبر كنت، والتقدير: فإن تزعميني كائناً جاهلاً فيكم. قال السيرافي: الزعم قول يقترن به اعتقاد، وقد يصح ذلك أو لا يصح. وشريت هنا بمعنى اشتريت، وهو من الأضداد، وقوله: فيكم، تقديره: وقت كوني فيكم واصلاً لكم، وحريصاً عليكم، وتلخيص وجه الإعراب فيه، كنت جاهلاً في وقت حبكم، أي: حبي إياكم، فحذف المضافين لفهم المعني، لما في باقي الكلام من الدليل عليه، وكذلك قوله:"بعدك" فيه حذف مضاف، والمعنى: بعد هجرك، أي: بعد هجرك إياك، فالمصدر فيهما مضاف إلى الفاعل، والمفعول محذوف، وجمع