وقوله/ يعتمل: الجملة إنّ، وقوله: وأبيك: جملة قسمية حذفه جوابها، معترضة بين اسم إن وخبرها، يتكلف العمل، وهذا الرجز لم يعرف قائله، وهو من أبيات سيبوية الخمسين التي لم يعرف ناظمها، والله أعلم.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والعشرون بعد المائتين]
(٢٢٦) يا أيُّها المتحلّي غير شيمته ... إنَّ التخلُّق يأتي دونه الخلق
ولا يواتيك فيما ناب من حدثٍ ... إلاّ أخو ثقةٍ فانظر بمن تثق
علي أن ابن جني يقول: الأصل: فانظر من تثق به: فصنع به كما تقدم، وقال غيره: لا يتعين هذا التخريج لاحتمال أن يكون الكلام تم عند قوله: فانظر، أي: فانظر لنفسك، ولما تقدم أنه لا يواتيه إلا أخو ثقة، استدرك علي نفسه فاستفهم علي سبيل الإنكار علي نفسه، حيث قرر وجود أخي ثقة فقال: بمن تثق؟ فالباء متعلقة بـ "تثق"، قال أبو حيان بعد ذكرهما، قال المصنف في الشرح: ويجوز عندي أن تعامل هذه المعاملة من واللام، وإلى وفي، قياساً على عن وعلى والباء، فيقال: عرفت ممن عجبت، ولمن قلت، وإلى من أويت، وفيمن رغبت، والأصل: عرفت من عجبت منه، ومن قلت له، ومن أويت إليه، ومن رعيت فيه، فحذف ما بعد "من"، وزيد ما قبلها عوضاً. انتهي. وهذا الذي أجازه المصنف قياساً لم يثبت الأصل الذي يقاس عليه، ألا ترى إلى ما ذكرناه من التأويل فيما استدل به، ولو كانت لا تحتمل التأويل لكانت من الشذوذ والندود والبعد من الأصول بحيث لا يقاس عليها، ولا يلتفت إليها، وما ذهب إليه المصنف من أن "عن وعلى" يكونان زائدتين ليس بصحيح، وقد نصَّ سيبوية على أن عن وعلى لا يزادان لا عوضاً ولا غير عوض، فأما قول الشاعر: