انتهي. وقال أبو علي في "المسائل العسكرية": مذهب الخليل وسيبوية وأبي عثمان في قول الراجز:
إن لم يجد يوماً على من يتَّكل
تقدير "عليه" في آخره، والمعنى عندهم: إن لم يجد يوماً على من يتكل عليه، وكان حذف هذا أحسن لجري ذكر حرف الجر، ألا ترى أنه يستجاز: بمن تمرر أمرر، فتحذف الجار من الفعل الثاني، ولو قلت: من تكرم أنزل، تريد: عليه، لم يسغ كما ساغ في الأول من حيث لم يجر ذكر الحرف كما جرىفي الأول، فأما "على" في قوله: إن لم يجد يوماً على، فزائدة في قولهم، والمعنى: إن لم يجد من يتكل عليه، تعدى الفعل بالحرف، كما تقول: ضربت لزيد، وفي التنزيل:(ردف لكم)[النمل/٧٢] و (إن كنتم للرؤيا تعبرون)[يوسف/٣] وقال تعالي: (ألم يعلم بأن الله يري)[العلق/١٤] و (يعلمون أنَّ الله هو الحقَّ المبين)[النور/٢٥] فوصل الفعل مرة بالحرف ومرة بلا حرف، فكذلك: هذا وجدته، ووجدت عليه بمعنى، فأما المحذوف من الصلة فيكون علي أنه حذف الجار والمجرور، وإن شئت قلت: حذف الجار واتصل الضمير، ثم حذف، وقول البغداديين في البيت: إن لم يجد يوماً، بمنزلة يعلم، كأنه قال: إن لم يعلم على من يتكل؟ فالكلام في تأويلهم استفهام، وموضع الجملة نصب، والجار في قولهم متصل بـ "يتكل"، وهو والمجرور في موضع نصب بـ "يجد"، وقول الرياشي في هذا كقول البغداديين، إلي هنا كلام أبي علي.