[وأنشد بعده، وهوا لإنشاد الخامس والسبعون بعد الثمانمائة]
(٨٧٥) هذي برزت لنا فهجت رسيسا ... ثم انصرفت وما شفيت نسيسا
هو مطلع قصيدة للمتنبي مدح بها محمد بن زريق الطرسوسي، قال الواحدي: قال ابن جني: يا هذه ناداها، وحذف حرف النداء ضرورة، وقال أبو العلاء المعري: هذي موضوعة موضع المصد وإشارة إلى البرزة الواحدة كأنه يقول: هذه البرزة برزت لنا، كأنه يستحسن تلك البرزة الواحد، وأنشد:
يا إبلي إما سلمت هذي ... فاستوسقي لصارم هذاذ
وطارق في الدجن والرذاذ
يريد: هذها لكرة، وهذا تأويل حسن لا ضرورة فيه، ولا حاجة معه إلى الاعتذار. والرسيس والرس: مس الحمى وأولها، وهو ما يتولد منها منا لضعف، والرسيس: ما رس في القلب من الهوى، أي: ثبت، ومنه قول ذي الرمة:
إذ غير النأي المحبين لم أحد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
وهذا هو المراد في بيت المتنبي، والنسيس: بقية النفس بعد المرض والهزال، يقول: برزت لنا، فحركت ما كان في قلبنا من هواك، ثم انصرفت ولم تشف بقايا نفوسنا التي أبقيت لنا بالوصال، إلى هنا كلام الواحدي.