بمحذوف تقديره: عاهدت ربي صادقاص على حلفة. والبيت من قصيدة للفرزدق ذكر فيها خروج آدم وحواء من الجنة، وإبليس، أخزاه الله، وتاب عن الهجو، وأقبل على القرآن والصلاح، ثم رجع إلى ما كان عليه. قال المبرد: قال الفرزدق هذه القصيدة في آخر عمره حين تعلق بأستار الكعبة، وعاهد الله، عز وجل، أن لا يكذب ولا يشتم مسلماً. انتهى.
وقال شارح "النقائض": كان الفرزدق حج، فعاهد الله تعالى بين الباب والمقام أن لا يهجو أحداً، وأن يقيد نفسه حتى يجمع القرآن حفظاً، وقال:"ألم ترني عاهدت ربي .. البيتين" من قصيدة، وبلغ نساء بني مجاشع فحش جرير بهن، فأتين الفرزدق مقيداً، فقلن: قبح الله قيدك، فقد هتك جرير نساءك فلحيت، شاعر قوم، فأحفظنه-أي: أغضبنه- ففض قيده، وشرع في هجو جرير وغيره بقصيدة منها:
فإن يك قيدي كان نذراً نذرته ... فما بي عن أحساب قومي من شغل
أنا الضامن الراعي عليهم وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
وترجمة الفرزدق تقدمت في الإنشاد الثاني من أوائل الكتاب.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والأربعون بعد الستمائة]
(٦٤٥) جشأت فقلت اللذ خشيت ليأتين ... وإذا أتاك فلات حين مناص
يقال: جشأت نفسه، بالجيم والشين المعجمة والهمزة، والمصدر: الجشوء، بالضم: إذا نهضت إليه، وارتفعت من فزع أو حزن، وفاعل "جشأت" ضمير النفس في بيت قبله، واللذ: بسكون الذال: لغة في الذي، ولما يحذف ياؤها ترسم