وموضع "مهما" نصبت بفعل محذوف يفسره الفعل الموجود، والتقدير: أي بسملة من البسملات الكائنة في أوائل السور تصل تصلها مع أواخر السور، وأتى بالفاء في الجواب لكونه نهياً، وأكد بالنون الثقيلة تنبيهاً على ما في ارتكابها من القبح، ونصب الفعل الأخير بإضمار "أن" بعد الفاء على جواب النهي، قال الجعبري في حل البيت، أي: إن وصلت أول البسملة بآخر السورة السابقة، صل آخرها بأول اللاحقة ولا تسكتن عليها، فتصعب صيغة اللفظ لإشعارها بغير المقصود.
والإمام الشاطبي هو أبو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي، نسبة إلى شاطبة، قرية بجزيرة الأندلس، كان إماماً في علوم القرآن الكريم، متقناً لأصول العربية، رحلة في الحديث، يضبط نسخ "الصحيحين" من لفظه، غاية في الذكاء، مجيداً في النظم، وله تصانيف حسنة، وواسطة عقد تصنيفه هذه القصيدة في القراءات السبعة، وتقدم شرح أول بيت منها مع ترجمته في الإنشاد الثالث والسبعين.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والأربعون بعد الخمسمائة]
(٥٤٢) إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب ... جهاراً فكن في الغيب أحفظ للود
على أنه ذكر ضمير المفعول في ترضيه، وكان الجيد تركه، وبعده:
وألغ أحاديث الوشاة فقلما ... يحاول واش غير إفساد ذي عهد