لا: بمعنى ليس، وغائب: اسمها، ومالي: خبرها، ولا حرم: عطف على اسم ليس. انتهى. وقوله: لا حرم، فيه وجهان، أحدهما: أنه معطوف على غائب بتقدير ذو، وبتأويله باسم المفعول، والتقدير: لا مالي غائب، ولا ذو حرمان، أو: ولا محروم من طالبه، أي: بممنوع، وهذا من قبيل عطف مفرد على مفرد، ولا يجوز أنيبقى حرم على مصدريته مراداً به المبالغة، لأن مقام المدح يأباه، إذ لا يلزم من نفي الحرمان البليغ نفي مطلق الحرمان، وثانيهما: أنه مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: ولا عندي حرمان، وهذا من قبيل عطف الجمل. وترجمة زهير تقدمت في الإنشاد الخمسين.
[وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والستون بعد الستمائة]
أول من استشهد به من النحويين الفراء: أورده في عدة مواضع في تفسيره، فأول موضع أورده فيه عند قوله تعالى:(أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا)[الآية/ ١٤٨] من سورة البقرة قال: إذا رأيت حروف الاستفهام قد وصلت بـ "ما" مثل: أينما، ومتى ما، وأيما، وحيثما، وكيفما، كانت جزاء ولم تكن استفهاماً، فإذا لم توصل بـ "ما" كان الأغلب عليها الاستفهام، وجاء فيها الجزاء، فإذا كانت جزاء، جزمت الفعلي. فإن أدخلت الفاء في الجواب، رفعت الجواب، كقوله تعالى:(ومَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ)[البقرة/ ١٢٩] فإذا كانت استفهاماً رفعت الفعل الذي يلي أين وكيف، ثم تجزم الفعل الثاني: ليكون جواباً للاستفهام بمنى الجزاء، كقوله تعالى: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ