للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلِيمٍ) [الصف/ ١٠] ثم أجاب الاستفهام بالجزم، فقال تعالى: (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [الصف/ ١٢] فإذا أدخلت في جواب الاستفهام فاء، نصبت، كما قال تعالى: (لَوْلا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) [سورة المنافقين/ ١٠] فنصب.

فإذا جئت إلى العطوف التي تكون في الجزاء وقد أجبته بالفاء؛ كان لك في العطف ثلاثة أوجه: إن شئت، رفعت العطف: كقولك: إن تأتني فإني أهل ذاك، وتؤجر وتحمد، وهو وجه الكلام، وإن شئت جزمت، وتجعله كالمردود على موقع الفاء، والرفع على ما بعد الفاء، وقد قرأت القراء: (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) [الأعراف/ ١٨٦] ويذرهم: رفع وجزم. وكذلك: (إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإن تُخْفُوهَا وتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ويُكَفِّرُ) [البقرة/ ٢٧١] جزم ورفع، ولو نصبت على ما تنصب عليه عطوف الجزاء إذا استغنى لأصبت، وإن جزمت عطفاً بعدما نصبت، ترده على الأول، كان صواباً، وهو كثير في الشعر والكلام، وأكثر ما يكون النصب في العطوف إذا لم تكن في جواب الجزاء الفاء، فإذا كانت الفاء فهو الرفع والجزم.

وإذا أجبت الاستفهام بالفاء، فنصبت فانصب العطوف، وإن جزمتها فصواب، من ذلك قوله تعالى في المنافقين: (لَوْلا أَخَّرْتَنِي إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وأَكُن) [الآية/ ١٠] رددت وأكن على موضع الفاء، لأنها في محل جزم، إذ كان الفعل إذا وقع مقعها بغير الفاء جزم، والنصب على أن ترده على ما بعدها، فتقول: "وأكون" وهي في قراءة عبد الله بن مسعود: "وأكون" بالواو وقد قرأ بها بعض القراء، وأرى ذلك صواباً، لأن الواو ربما حذفت من الكتاب، وهي تراد لكثرة ما تنقص وتزاد في الكلام، ألا ترى أنهم يكتبون الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>