للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"في"

[أنشد فيه، وهو الإنشاد السادس والسبعون بعد المائتين]

(٢٧٦) هم صلبوا العبدي في رأس نخلة

تمامه:

فلا عطست شيبان إلاَّ بأجدعا

على أنَّ "في" هنا بمعنى "على". قال أبو حيان في "شرح التسهيل": هذا مذهب الكوفيين، وتبعهم القتبي، واستدلوا بقوله تعالى: {ولأصلِّبنَّكم في جذوع النَّخل} [طه/ ٧١] وبقول امرأة من العرب: هم صلبوا العبديَّ .. البيت، وبقول عنترة:

بطلٌ كأنَّ ثيابه في سرحةٍ ... البيت

زوما حكى يونس عن العرب من أنها تقول: نزلت في أبيك، يريدون: على أبيك. وقال القتبي: تقول: لا يدخل الخاتم في إصبعي أي: على إصبعي. قال بعض أصحابنا: ولو كانت "في" بمعنى "على" لجاز أن تقول: في زيد دينٌ: أي: عليه دين، فأمّا الآية والأبيات، فإنَّ جذع النخلة بمنزلة المكان والمحل للمصلوب، لاستقراره عليه وتمكنه في ذلك، وكذا السرحة كالمحل لثيابه لاستقرارها فيها، فصلح لذلك دخولها عليه، كما تدخل على الأمكنة. وأما ما حكاه يونس فعلى حذف مضاف، والتقدير: نزلت في كنف أبيك، ففي للوعاء، ولم تخرج عن بابها، وأمّا: أدخلت الخاتم في إصبعي، فقال بعض شيوخنا: إذا دخل على الإصبع، فهو فيه بلا شك. انتهى. وأقول: قد تبع الكوفيين جماعة من البصريين منهم المبرد، قال في "الكامل": وحروف الخفض تبدل بعضها من بعض إذا وقع الحرفان في معنىً في بعض المواضع، قال تعالى: {ولأصلِّبنَّكم في جذوع النَّخل} [طه/ ٧١] أي: على، ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت "في" لأنها للوعاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>